التطور الروحي لسيدنا موسي بموجب آيات القرآن الكريم .. بقلم: حسين عبدالجليل

التطور الروحي لسيدنا موسي بموجب آيات القرآن الكريم .. بقلم: حسين عبدالجليل


من  يقرأ كتاب الله بتمهل  و تمعن يلاحظ أن الصورة التي ترسمها  أيات الكتاب للرسل والانبياء و حواريهم تختلف شئيا ما عما هو وارد بكتب الفقهاء وكتب التراث الأسلامي . الصورة القرآنية هي لبشر يتعرضون لكل مايتعرض له البشر من مشاعر انسانية متضاربة  , بل أن التمعن في دراسة الآيات القرانية يوضح التطور الروحي الذي حدث لبعضهم مع مرور الزمن .
فحواري سيدنا عيسي عليه السلام كانوا في بداياتهم يسألونه: ( هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء) ثم تطور أيمانهم لاحقا لمرحلة:  (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)

رغم أنه هو الرسول الوحيد الذي كلمه الله تكليما , إلا أن سيدنا موسي عليه السلام خاف و جري من عصاه عندما اهتزت كأنها ثعبان رغم أنه في تلك اللحظة كان يكلمه الله (وَأَلْقِ عَصَاكَ ۚ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) . كان موسي خائفا من بطش فرعون (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ), وخائفا من أن يغلبه السحرة (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ) وفي كل مرة كان يحصل علي تطمينات من رب العزة :
( قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى)  ,  ( قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) .

هذا الخوف من العصا عندما اهتزت كأنها ثعبان , ومن بطش فرعون والخوف من أن يغلبه السحرة ربما حصل لأن سيدنا موسي كان آنذاك في بداية نبوته ولم تتغلغل المعية الآلهية في كل فؤاده بعد , هذه المعية ألآلهية التي لو دخلت قلوبنا لما خفنا من أي شيئ في هذه الفانية  (وهو معكم أينما كنتم).
فيما بعد أستوعب سيدنا موسي المعية الآلهية تماما , فعندما أدركهم الفرعون و جنوده وكان البحر أمامهم , و فرعون و جنوده خلفهم و قال له قومه بيأس شديد  بعد قراءتهم لواقع الحال كما يترأي لهم  (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) حينها  و في أكثر اللحظات خطورة عليه و علي  قومه , في تلك اللحظة يصل موسي عليه السلام للفهم التام والأيمان المطلق بالمعية الآلهية (قَالَ كَلا إن معي ربي سيهدين)  .

هذا الفهم المتقدم والايمان المطلق بالمعية الآلهية و الذي وصل له سيدنا موسي في مرحلة لأحقة من نبوته نجد أن المصطفي عليه أفضل الصلأة والسلأم قد وصل له منذ البدء ,  ودليلي علي ذلك ألآية التي تتحدث عن اللحظات التي أوشك فيها كفار مكة علي اللحاق بالرسول  و صاحبه في غار ثور (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) .
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.

Comments

Popular posts from this blog

كيف أفهمني هرم أبراهام ماسلو للأحتياجات الانسانية سورة قريش!

فهم مغاير لمعني كلمة "هيت" في الآية الكريمة: "و قالت هيت لك" .. بقلم: حسين عبدالجليل

رد الشبهات حول القرآن الكريم: فيما يخص سورة الفيل!